العيد -صلة الرحم - مقاله
لفترات يقطع المرء رحمه ويظل معها في حالة خصام دون زيارة أو سلام، بعد أن نبتت المشاحنات والبغضاء في قلوبهم ما أدت إلى تباعدهم وانفراط تماسكهم الأسري حتى جاز توصيفهم بـ”الأقربون الأعداء”.. عن صلة الأرحام والإثم الذي يقع فيه قاطع رحمه خصوصاً في العيد كمناسبة لتجديد أواصر القربى كان هذا الاستطلاع:أمر يقوم به المتقون
القاضي. هزاع اليوسفي , القاضي بالمحكمة العليا تحدث حول صلة الرحم بقوله: صلة الأرحام أمر بها الله ونص عليها في محكم كتابه فقال: “والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم” وقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم في هذه الآية.
كما أن نبينا الكريم قد أشار إلى أن صلة الأرحام تزيد من العمر، حيث قال صلوات الله وسلامه عليه “من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه”.
وكان رسولنا الكريم يقوم بهذا الأمر قبل بعثته وعمل به بعد بعثته، وهو أمر يقوم به المتقون وأولياء الله والرجال الصالحون.
تزيد المودة
وأضاف: فصلة الرحم تزيد المحبة والمودة بين الأسر ومن آثارها محبة الأهل وطول العمر وفي صحيح البخاري أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجاب على رجل سأله عن عمل يدخله الجنة ثم ذكر له الرسول صلى الله عليه وسلم.. وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ثم ذكر صلة الرحم.
تعظم الرزق
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يزيد الله في رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه، ومن أراد السعة في رزقه والزيادة في عمره فليحسن لأقاربه.
أولئك لهم اللعنة
وعن الإثم الذي يقع فيه قاطع رحمه قال اليوسفي:
لقد حذر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم من قطع صلة الرحم فقال سبحانه وتعالى:
“الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون “.
وقال سبحانه “واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا”.
وقال عز وجل “فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم”.
وجوب الزيارة
وحول ما ينبغي في العيد تجاه الأرحام قال القاضي هزاع:
يجب صلة الأرحام وزيارتهم وتبادل الهدايا فيما بينهم لأن الله سبحانه وتعالى يكتب لهم الأجر ويبسط لهم الرزق ويحفظهم في صحتهم وأموالهم.
عقوبة في الدنيا
واختتم القاضي هزاع اليوسفي بالقول:
ننصح الناس الذين يقطعون رحمهم أن يتوبوا لله عز وجل وأن يعودوا إلى الله عز وجل وذلك لأن قطع الرحم باب يعجل الله سبحانه وتعالى عقوبته في الدنيا وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة فرساً ولاعدلاً عاق ومكذب بالقدر ومنان.
مسألة شرعية وإنسانية
من جانبه قال العلامة عبدالله الراعي – المدرس والمفتي بالجامع الكبير بصنعاء: لقد جعلنا الله من أمة التراحم ومن أمة الحبيب المصطفى محمد “ص” والذي قال “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، وأما صلة الأرحام فإنها قبل أن تكون مسألة شرعية فهي مسألة إنسانية حيث نجد الترابط بين أضعف الخلق من الحيوانات، كما أنه مرتبط بالأمم السابقة والتالية، وأما الإسلام فقد أتى ليرمم ما اندثر منها وما تقطع من سبل.
تحذير إلهي
- وأضاف : وقد حذر الله سبحانه وتعالى في محكم الكتاب من أن يقطع شخص رحمه لسبب من الأسباب الدنيوية “فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم”.
فقرن الله قاطع الرحم بالمفسد في الأرض ويقول الرسول “ص” “الرحم معلقة بالعرش تقول وصل الله من وصلني وقطع الله من قطعني”.
والرسول “ص” يقول ألا أدلكم على ما ينسب الأثر ويطيل العمر، قالوا بلى، قال صلة الرحم.
تبارك بالحسنات
وواصل العلامة الراعي بالقول :
إن صلة الرحم تزيد من العمر وتبارك بالحسنات والله سبحانه وتعالى يضاعف الأجر لمن وصل رحمه ويكتب ما أعطاه من الخيرات صلة وصدقة، وإذا أعطى الإنسان الأبعد تكتب له أجر الصدقة وأما إذا أعطى القريب من زكاته أو من صدقاته فيكتب له أجران أجر الصلة وأجر الصدقة.
خيركم خيركم لأهله
وزاد على ما سبق بالقول :
فالإسلام - ولله الحمد - هو دين الرحمة، حيث أخبر الله في الكتاب الكريم بقوله “لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم”.
ويقول الحبيب المصطفى “ص” : خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” فمن أراد السعادة فليصل رحمه وليتفقد أحوالهم.
وللأسف نجد كثيراً من الناس حينما ينشب بينهم وبين أرحامهم من النساء أي خلاف فيقطع زيارتها لا جمعة ولا عيدا ولا غيرها، فهذا قد قسا قلبه وغلظ ، وأما المؤمنون كما قال رب العالمين “وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله”.
مسألة عظيمة
- وأضاف الراعي : فصلة الرحم لها مكانها في الإسلام وجوهرها في دين الإسلام كما آن صلة الرحم في الإسلام مسألة عظيمة اهتم بها اهتماماً عظيماً وحذر من يقطع رحمه أو يترك رحمه، وجعل من يصل رحمه سعيداً في الدنيا والآخرة ويحظى بالاحترام النبوي والرباني وشفاعة الحبيب المصطفى “ص” وسلم.
من الآثام الموبقة
- وعن الإثم الذي يقع على قاطع الرحم قال الراعي : الإثم الذي جاء في بعض الآثار أن قطع الرحم من السبع الموبقات، والتي سميت بالموبقات لأنها توبق صاحبها وتخلده في نار جهنم.
وجاء في الأثر أن الله سبحانه وتعالى في ليلة القدر يقول هل من داع هل من تائب هل من راكع فينظر له بعين الرحمة فيكتب له أجرها فقاطع الرحم واقع في كبيرة من الكبائر التي توجب غضب الرحمن وتوجب عليه العذاب.
وحول ما يجب في العيد تجاه الأرحام قال العلامة عبدالله الراعي .. ماسمي العيد عيداً إلا لتعويد الزيارة، كما سمى الله ليلة العيد ليلة الجائزة حين يأذن الله للملائكة الكرام فينتشرون في الأزقة والطرق فيسلمون على كل من مضى لزيارة الرحم ويدعون له بالتوفيق كما قال رب العالمين “الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا”.
مناسبة للتوبة والمراجعة
- واختتم الراعي بالقول :
عيد الفطر هو مناسبة لمن يصل رحمه بأن يتضاعف أجره، ومن كان قاطعاً فليندم على ما مضى وليبادر بالتوبة وليتدارك نفسه، فدعوة الرحم مجابة، فهي مظلومة ودعاء المظلوم على الظالم ليس بينها وبين الله حجاب وهي من الدعوات التي تستجاب عاجلاً فعلينا جميعاً أن نحذر من هذه الخصلة الذميمة وأن يتدارك الإنسان نفسه.
التعليقات على الموضوع